الأحد، 10 يونيو 2018

45 : سادسا: بعض الآراء حول حقيقة الربيع العربي:

(45) الكاتب: كيفن كونوللي: عشر نتائج غير متوقعة الربيع العربي:
بعد مرور ثلاثة أعوام على بدء اندلاع موجة الانتفاضات التي عرفت بـ"الربيع العربي"، لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعاني من الاضطراب وعدم الاستقرار. فقد استطاعت فيه بعض الثورات الإطاحة بالأنظمة التي كانت تحكم لسنين طويلة، لكن أعقبتها تبعات لم تكن متوقعة.
 وفي هذا المقال يكتب مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط، كيفن كونولي، عن عشر نتائج لم تهدف إليها الثورات العربية.
أولا: أنظمة ملكية تصمد أمام العاصفة
 تمتعت العائلات المالكة في الشرق الأوسط بربيع عربي جيد حتى الآن، أو بالأحرى أفضل مما كنت تتخوف منه بعضها، وهو ما حصل في الأردن والمغرب والخليج. أما الحكومات التي سقطت أو اهتزت فكانت في الغالب مشكَّلة على طراز سوفييتي، يهيمن عليها حزب واحد، كما تدعمها مؤسسات أمنية قوية.
 وأظهر النظام الملكي في البحرين استعداده لاستخدام أساليب أمنية مشددة، بينما عمدت ملكيات أخرى إلى اتخاذ إجراءات أكثر مرونة.
وفي قطر قامت السلطات برفع أجور وظائف القطاع العام في الشهور الأولى من انطلاق موجة الاحتجاجات العربية. وتملك دول الخليج غضبا قابلا للتصدير، فغالبية الوظائف الأقل أجراً يشغلها عمال أجانب، وإذا اشتكوا من ظروف العمل من السهل حينئذ إعادتهم إلى بلادهم.
ومن الممكن أيضاً أن تكون الشعوب في هذه المنطقة متعلقة بهؤلاء الحكام، وهو تعلق لا يتمتع به الحكام المستبدون غير المنتخبين في بلاد أخرى مجاورة.
ثانيا: الولايات المتحدة لم تعد محرك اللعبة
 لم يكن الربيع العربي مربحاً للولايات المتحدة، ففي مستهل الأمر كانت تعتقد أنها أمام شرق أوسط راكد، تمتعت فيه بتحالفات يمكن أن تعتمد عليها في دول مثل مصر وإسرائيل والسعودية. ولم تستطع أن تجاري الأحداث المتتابعة في مصر التي انتخب فيها رئيس إسلامي هو محمد مرسي، ثم عزله الجيش بعد عام، وسط مطالبات شعبية بتنحيه.
 ولا يمكن لأحد أن يلوم إدارة أوباما لفشلها في مواكبة الأمور في الشرق الأوسط، فهي إدارة تحب الانتخابات، ولكن لا تحب نتائجها عندما يفوز الإخوان المسلمون فوزا كاسحا، في مصر.
وهي أيضاً لا تحب الانقلابات العسكرية (في القرن الواحد والعشرين على الأقل) لكنها مرتاحة لوجود نظام مدعوم من الجيش يحافظ على فكرة السلام مع إسرائيل.
 ولا تزال أمريكا بالطبع قوة عظمى، ولكنها لم تعد تفرض الأمور في الشرق الأوسط. وهي لا تعاني وحدها من هذا الفشل، فتركيا أيضاً لم تختر الجانب الفائز في مصر، وتتعثر في علاقات إشكالية مع الثوار في سوريا.
ثالثا:  السنة في مواجهة الشيعة
 السرعة التي تحولت بها المظاهرات غير المسلحة ضد حكومة قمعية في سوريا إلى حرب أهلية ضارية ذات طابع طائفي، صدمت الجميع.
ففي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين السنة والشيعة في المنطقة، يتحارب شيعة إيران وسنيو السعودية في حرب بالوكالة في سوريا.
لذا فإن تعميق الانشقاقات بين هاتين الطائفتين أدى إلى ظهور مستويات مفزعة من العنف الطائفي في العراق أيضاً، الذي ربما سيكون أهم موروثات هذه السنين من التغيير في المنطقة.
رابعا: إيران رابحة
لم يكن أحد يتوقع في البداية أن تستفيد إيران من الريبع العربي. ففي بادئ الأمر كانت إيران مهمشة مثقلة بالعقوبات المفروضة عليها بسبب طموحاتها النووية. ولكن يستحيل اليوم تخيل أي حل في سوريا دون موافقة إيران، بل إنها دخلت في محادثات مع الغرب بشأن هذا البرنامج النووي، تحت الرئاسة الجديدة.
وقد أثار استعداد أمريكا لإجراء محادثات مع إيران حفيظة السعودية وإسرائيل على السواء، وأي أمر يجعل من هاتين الدولتين تجلسان على نفس الجانب من النقاش لابد أنه سيكون تاريخيا.
خامسا: الرابحون خاسرون
 إن اختيار الفائزين والخاسرين من بين كل ذلك سيكون أمرا مخادعًا. ودعونا نلقِي نظرة على الإخوان المسلمين في مصر، الذين حققوا نجاحاً ضخماً في الانتخابات التي أجريت بعد إسقاط نظام حسني مبارك. فبعد 80 عاماً من العمل السري، بدت الجماعة مستعدة لإعادة تشكيل أكبر دولة في الشرق الأوسط تعكس صورتها ورؤاها الخاصة.
 إلا أن الجيش أبعد الجماعة عن السلطة في مصر، وعادت إلى السرية مرة أخرى، بعد إعلانها "جماعة محظورة" مجددا، وبعد مثول قياداتها أمام المحاكم. فمنذ عام واحد كان ينظر للجماعة أنها الفائزة، لكن الأمر تبدل الآن.
 ولم يكن ذلك خبراً ساراً لقطر، تلك الإمارة الخليجية الصغيرة الطموحة التي دعمت الإخوان في معركة السلطة في مصر. ومع بداية الربيع العربي أيضًا، كانت قطر، وهي تدعم الثوار في ليبيا تبدو كأنها تسير وفق خطة إستراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة. أما الآن، فالأمر لم يعد كذلك.
سادسا:  الأكراد يحصدون المكاسب
 وبدا الأكراد في كردستان العراق كفائزين في الوضع الحالي، بل قد يكونون في طريقهم لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، وهو إقامة الدولة لهم. فهم يسكنون شمالي العراق،في منطقة غنية بالنفط، تبني اقتصادا مستقلا مرتبطا بجارتهم القوية تركيا. كما أن لديهم عَلَم ونشيد وطني، ولهم قوات مسلحة أيضا.
 وقد تكون كردستان واحدة من المستفيدين من التفكك البطيء الحاصل في العراق، الذي لم يعد يتصرف كبلد موحد.
 ولن يكون مستقبل المنطقة خاليا من الأزمات، فالسكان الأكراد يمتدون عبر الحدود مع إيران وسوريا وتركيا.,ولكن الأكراد في مدينة مثل أربيل يتوقعون مستقلا أكثر ازدهارا وحرية. وقد بدأت موجة التغيير في كردستان قبل الربيع العربي، إلا أن الأكراد يستفيدون أيضا من موجة التغيير التي تجتاح المنطقة لتعزيز ما حققوه من قبل.
سابعا: المرأة الضحية
 وتأتي بعض تداعيات الربيع العربي -على الأقل حتى الآن- محزنةً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فوسط حشود المتظاهرين بميدان التحرير في بداية الاحتجاجات بمصر، كانت هناك مجموعة من السيدات اللائي يطالبن بحرياتهنّ الخاصة إلى جانب الحقوق السياسية التي كانت محل تركيز الاحتجاجات.
وكان الأمر محبطا بالنسبة للسيدات، فالاعتداءات الجنسية عليهن أصبحت مخيفة. وذكر استطلاع عام للرأي أجرته مؤسسة تومسون رويترز، أن مصر هي أسوء بلد عربي للنساء متخلفة حتى عن السعودية، وسجلت علامات سيئة في العنف الجنسي وحقوق الإنجاب، ومعاملة المرأة في الأسرة، بالإضافة إلى دمجها سياسيا واقتصاديا.
ثامنا: دور الإعلام الاجتماعي
 مع بداية الحركات الاحتجاجية، كانت وسائل الإعلام الغربية منبهرة بالدور الذي لعبته فيها الابتكارات الجديدة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ويعود جزء من ذلك إلى أن الصحفيين في الغرب يحبون وسائل التواصل الاجتماعي. فوسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم في بعض الدول، كالسعودية، إذ مكنت هذه الوسائل الجماهير في المملكة من التحايل على وسائل إعلامهم الجامدة، وأطلقوا شيئا أشبه بالنقاش الوطني.
وعلى الرغم من دور ذلك الإعلام في بداية الاحتجاجات، إلا أن استخدامه كان مقصورا بشكل كبير على شريحة المتعلمين والأغنياء من النخبة الليبرالية، وهو ما أدى إلى الإفراط في نقل وجهات نظرهم بعض الوقت. لكنهم بعد كل هذا منوا بهزيمة ساحقة في صناديق الانتخابات. وبقيت القنوات الفضائية أكثر أهمية في دول لا تستطيع نسبة كبيرة من الناس فيها القراءة أو الكتابة ولا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت.
يلخص باسم يوسف، جراح القلب المصري الذي تحول إلى مذيع تلفزيوني ساخر، القصة بكاملها. حيث بدأ يوسف بوضع أعماله الساخرة على شبكة الإنترنت ليتحول بعد ذلك إلى ظاهرة دولية بعد تحول أعماله لبرنامج تليفزيوني، وعُرف بعد ذلك بـ "جون ستيوارت المصري".
 لكن هناك اختلاف واضح بين الشخصيتين، فستيوارت كان يروّج لنفسه في الولايات المتحدة، أما يوسف فراح يتحرك بحذر ساخرا من حكام مصر الجدد كما فعل مع أسلافهم الإسلاميين، فالمصريون يحبون الضحك، لكن قادتهم لا يحبون أن يكونوا موضع السخرية. لذا فقد توقف بث برنامج باسم يوسف.
 تاسعا: طفرة عقارات دبي
 ولا تزال تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط حاضرة خارج حدود الدول التي شهدتها، فهناك نظرية تقول إن سوق العقارات في دبي شهدت طفرة عندما اضطر أصحاب رؤوس أموال من دول غير مستقرة للبحث عن ملاذ آمن لاستثماراتهم ولعائلاتهم، وبلغت تلك التداعيات مستوى أشد في أسواق باريس ولندن العقارية.
عاشرا: المربع رقم صفر
 بدت الخريطة التي رسمتها بريطانيا وفرنسا للشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى في طريقها للتفكك. فهناك دول مثل سوريا والعراق، التي جرى رسْم حدودها -كما هي الآن- لا يُعرف هل ستبقى في شكلها الحالي كدول موحدة خلال الخمس سنوات القادمة أم لا؟!
 كذلك ليبيا، التي لا يستطيع المرء التكهن بشأنها. فليبيا كشفت محدودية تدخل الدول الغربية، فقد نجح سلاح الجو البريطاني والفرنسي في إسقاط النظام السابق، لكنه لم يتمكن من ضمان أن تحل محله الديمقراطية والاستقرار.
وهناك درس قديم، يتعلمه العالم مرة أخرى، وهو أن الثورات لا يمكن التنبؤ بها، بل من المحتمل استمرارها لسنواتٍ قبل أن تتضح تداعياتها.


بي بي سي عربي: www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/12/131214_arab_spring_outcomes.shtml

هناك 16 تعليقًا:

  1. بعد مرور ثلاثة أعوام على بدء اندلاع موجة الانتفاضات التي عرفت بـ"الربيع العربي"، لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعاني من الاضطراب وعدم الاستقرار. فقد استطاعت فيه بعض الثورات الإطاحة بالأنظمة التي كانت تحكم لسنين طويلة، لكن أعقبتها تبعات لم تكن متوقعة.
    وفي هذا المقال يكتب مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط، كيفن كونولي، عن عشر نتائج لم تهدف إليها الثورات العربية.

    ردحذف
  2. ثانيا: الولايات المتحدة لم تعد محرك اللعبة
    لم يكن الربيع العربي مربحاً للولايات المتحدة، ففي مستهل الأمر كانت تعتقد أنها أمام شرق أوسط راكد، تمتعت فيه بتحالفات يمكن أن تعتمد عليها في دول مثل مصر وإسرائيل والسعودية. ولم تستطع أن تجاري الأحداث المتتابعة في مصر التي انتخب فيها رئيس إسلامي هو محمد مرسي، ثم عزله الجيش بعد عام، وسط مطالبات شعبية بتنحيه.
    ولا يمكن لأحد أن يلوم إدارة أوباما لفشلها في مواكبة الأمور في الشرق الأوسط، فهي إدارة تحب الانتخابات، ولكن لا تحب نتائجها عندما يفوز الإخوان المسلمون فوزا كاسحا، في مصر.
    وهي أيضاً لا تحب الانقلابات العسكرية (في القرن الواحد والعشرين على الأقل) لكنها مرتاحة لوجود نظام مدعوم من الجيش يحافظ على فكرة السلام مع إسرائيل.

    ردحذف

  3. رابعا: إيران رابحة
    لم يكن أحد يتوقع في البداية أن تستفيد إيران من الريبع العربي. ففي بادئ الأمر كانت إيران مهمشة مثقلة بالعقوبات المفروضة عليها بسبب طموحاتها النووية. ولكن يستحيل اليوم تخيل أي حل في سوريا دون موافقة إيران، بل إنها دخلت في محادثات مع الغرب بشأن هذا البرنامج النووي، تحت الرئاسة الجديدة.
    وقد أثار استعداد أمريكا لإجراء محادثات مع إيران حفيظة السعودية وإسرائيل على السواء، وأي أمر يجعل من هاتين الدولتين تجلسان على نفس الجانب من النقاش لابد أنه سيكون تاريخيا.

    ردحذف
  4. وقد أثار استعداد أمريكا لإجراء محادثات مع إيران حفيظة السعودية وإسرائيل على السواء، وأي أمر يجعل من هاتين الدولتين تجلسان على نفس الجانب من النقاش لابد أنه سيكون تاريخيا.

    ردحذف
  5. كذلك ليبيا، التي لا يستطيع المرء التكهن بشأنها. فليبيا كشفت محدودية تدخل الدول الغربية، فقد نجح سلاح الجو البريطاني والفرنسي في إسقاط النظام السابق، لكنه لم يتمكن من ضمان أن تحل محله الديمقراطية والاستقرار.
    وهناك درس قديم، يتعلمه العالم مرة أخرى، وهو أن الثورات لا يمكن التنبؤ بها، بل من المحتمل استمرارها لسنواتٍ قبل أن تتضح تداعياتها.

    ردحذف
  6. خامسا: الرابحون خاسرون
    إن اختيار الفائزين والخاسرين من بين كل ذلك سيكون أمرا مخادعًا. ودعونا نلقِي نظرة على الإخوان المسلمين في مصر، الذين حققوا نجاحاً ضخماً في الانتخابات التي أجريت بعد إسقاط نظام حسني مبارك. فبعد 80 عاماً من العمل السري، بدت الجماعة مستعدة لإعادة تشكيل أكبر دولة في الشرق الأوسط تعكس صورتها ورؤاها الخاصة.
    إلا أن الجيش أبعد الجماعة عن السلطة في مصر، وعادت إلى السرية مرة أخرى، بعد إعلانها "جماعة محظورة" مجددا، وبعد مثول قياداتها أمام المحاكم. فمنذ عام واحد كان ينظر للجماعة أنها الفائزة، لكن الأمر تبدل الآن.
    ولم يكن ذلك خبراً ساراً لقطر، تلك الإمارة الخليجية الصغيرة الطموحة التي دعمت الإخوان في معركة السلطة في مصر. ومع بداية الربيع العربي أيضًا، كانت قطر، وهي تدعم الثوار في ليبيا تبدو كأنها تسير وفق خطة إستراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة. أما الآن، فالأمر لم يعد كذلك.

    ردحذف
  7. ثالثا: السنة في مواجهة الشيعة
    السرعة التي تحولت بها المظاهرات غير المسلحة ضد حكومة قمعية في سوريا إلى حرب أهلية ضارية ذات طابع طائفي، صدمت الجميع.
    ففي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين السنة والشيعة في المنطقة، يتحارب شيعة إيران وسنيو السعودية في حرب بالوكالة في سوريا.
    لذا فإن تعميق الانشقاقات بين هاتين الطائفتين أدى إلى ظهور مستويات مفزعة من العنف الطائفي في العراق أيضاً، الذي ربما سيكون أهم موروثات هذه السنين من التغيير في المنطقة.

    ردحذف
  8. سابعا: المرأة الضحية
    وتأتي بعض تداعيات الربيع العربي -على الأقل حتى الآن- محزنةً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فوسط حشود المتظاهرين بميدان التحرير في بداية الاحتجاجات بمصر، كانت هناك مجموعة من السيدات اللائي يطالبن بحرياتهنّ الخاصة إلى جانب الحقوق السياسية التي كانت محل تركيز الاحتجاجات.
    وكان الأمر محبطا بالنسبة للسيدات، فالاعتداءات الجنسية عليهن أصبحت مخيفة. وذكر استطلاع عام للرأي أجرته مؤسسة تومسون رويترز، أن مصر هي أسوء بلد عربي للنساء متخلفة حتى عن السعودية، وسجلت علامات سيئة في العنف الجنسي وحقوق الإنجاب، ومعاملة المرأة في الأسرة، بالإضافة إلى دمجها سياسيا واقتصاديا.

    ردحذف
  9. ثامنا: دور الإعلام الاجتماعي
    مع بداية الحركات الاحتجاجية، كانت وسائل الإعلام الغربية منبهرة بالدور الذي لعبته فيها الابتكارات الجديدة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ويعود جزء من ذلك إلى أن الصحفيين في الغرب يحبون وسائل التواصل الاجتماعي. فوسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم في بعض الدول، كالسعودية، إذ مكنت هذه الوسائل الجماهير في المملكة من التحايل على وسائل إعلامهم الجامدة، وأطلقوا شيئا أشبه بالنقاش الوطني.
    وعلى الرغم من دور ذلك الإعلام في بداية الاحتجاجات، إلا أن استخدامه كان مقصورا بشكل كبير على شريحة المتعلمين والأغنياء من النخبة الليبرالية، وهو ما أدى إلى الإفراط في نقل وجهات نظرهم بعض الوقت. لكنهم بعد كل هذا منوا بهزيمة ساحقة في صناديق الانتخابات. وبقيت القنوات الفضائية أكثر أهمية في دول لا تستطيع نسبة كبيرة من الناس فيها القراءة أو الكتابة ولا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت.
    يلخص باسم يوسف، جراح القلب المصري الذي تحول إلى مذيع تلفزيوني ساخر، القصة بكاملها. حيث بدأ يوسف بوضع أعماله الساخرة على شبكة الإنترنت ليتحول بعد ذلك إلى ظاهرة دولية بعد تحول أعماله لبرنامج تليفزيوني، وعُرف بعد ذلك بـ "جون ستيوارت المصري".
    لكن هناك اختلاف واضح بين الشخصيتين، فستيوارت كان يروّج لنفسه في الولايات المتحدة، أما يوسف فراح يتحرك بحذر ساخرا من حكام مصر الجدد كما فعل مع أسلافهم الإسلاميين، فالمصريون يحبون الضحك، لكن قادتهم لا يحبون أن يكونوا موضع السخرية. لذا فقد توقف بث برنامج باسم يوسف.

    ردحذف
  10. ثانيا: الولايات المتحدة لم تعد محرك اللعبة
    لم يكن الربيع العربي مربحاً للولايات المتحدة، ففي مستهل الأمر كانت تعتقد أنها أمام شرق أوسط راكد، تمتعت فيه بتحالفات يمكن أن تعتمد عليها في دول مثل مصر وإسرائيل والسعودية. ولم تستطع أن تجاري الأحداث المتتابعة في مصر التي انتخب فيها رئيس إسلامي هو محمد مرسي، ثم عزله الجيش بعد عام، وسط مطالبات شعبية بتنحيه.
    ولا يمكن لأحد أن يلوم إدارة أوباما لفشلها في مواكبة الأمور في الشرق الأوسط، فهي إدارة تحب الانتخابات، ولكن لا تحب نتائجها عندما يفوز الإخوان المسلمون فوزا كاسحا، في مصر.
    وهي أيضاً لا تحب الانقلابات العسكرية (في القرن الواحد والعشرين على الأقل) لكنها مرتاحة لوجود نظام مدعوم من الجيش يحافظ على فكرة السلام مع إسرائيل.

    ردحذف
  11. خامسا: الرابحون خاسرون
    إن اختيار الفائزين والخاسرين من بين كل ذلك سيكون أمرا مخادعًا. ودعونا نلقِي نظرة على الإخوان المسلمين في مصر، الذين حققوا نجاحاً ضخماً في الانتخابات التي أجريت بعد إسقاط نظام حسني مبارك. فبعد 80 عاماً من العمل السري، بدت الجماعة مستعدة لإعادة تشكيل أكبر دولة في الشرق الأوسط تعكس صورتها ورؤاها الخاصة.
    إلا أن الجيش أبعد الجماعة عن السلطة في مصر، وعادت إلى السرية مرة أخرى، بعد إعلانها "جماعة محظورة" مجددا، وبعد مثول قياداتها أمام المحاكم. فمنذ عام واحد كان ينظر للجماعة أنها الفائزة، لكن الأمر تبدل الآن.
    ولم يكن ذلك خبراً ساراً لقطر، تلك الإمارة الخليجية الصغيرة الطموحة التي دعمت الإخوان في معركة السلطة في مصر. ومع بداية الربيع العربي أيضًا، كانت قطر، وهي تدعم الثوار في ليبيا تبدو كأنها تسير وفق خطة إستراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة. أما الآن، فالأمر لم يعد كذلك.

    ردحذف
  12. ثامنا: دور الإعلام الاجتماعي
    مع بداية الحركات الاحتجاجية، كانت وسائل الإعلام الغربية منبهرة بالدور الذي لعبته فيها الابتكارات الجديدة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ويعود جزء من ذلك إلى أن الصحفيين في الغرب يحبون وسائل التواصل الاجتماعي. فوسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم في بعض الدول، كالسعودية، إذ مكنت هذه الوسائل الجماهير في المملكة من التحايل على وسائل إعلامهم الجامدة، وأطلقوا شيئا أشبه بالنقاش الوطني.
    وعلى الرغم من دور ذلك الإعلام في بداية الاحتجاجات، إلا أن استخدامه كان مقصورا بشكل كبير على شريحة المتعلمين والأغنياء من النخبة الليبرالية، وهو ما أدى إلى الإفراط في نقل وجهات نظرهم بعض الوقت. لكنهم بعد كل هذا منوا بهزيمة ساحقة في صناديق الانتخابات. وبقيت القنوات الفضائية أكثر أهمية في دول لا تستطيع نسبة كبيرة من الناس فيها القراءة أو الكتابة ولا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت.
    يلخص باسم يوسف، جراح القلب المصري الذي تحول إلى مذيع تلفزيوني ساخر، القصة بكاملها. حيث بدأ يوسف بوضع أعماله الساخرة على شبكة الإنترنت ليتحول بعد ذلك إلى ظاهرة دولية بعد تحول أعماله لبرنامج تليفزيوني، وعُرف بعد ذلك بـ "جون ستيوارت المصري".
    لكن هناك اختلاف واضح بين الشخصيتين، فستيوارت كان يروّج لنفسه في الولايات المتحدة، أما يوسف فراح يتحرك بحذر ساخرا من حكام مصر الجدد كما فعل مع أسلافهم الإسلاميين، فالمصريون يحبون الضحك، لكن قادتهم لا يحبون أن يكونوا موضع السخرية. لذا فقد توقف بث برنامج باسم يوسف.

    ردحذف
  13. كذلك ليبيا، التي لا يستطيع المرء التكهن بشأنها. فليبيا كشفت محدودية تدخل الدول الغربية، فقد نجح سلاح الجو البريطاني والفرنسي في إسقاط النظام السابق، لكنه لم يتمكن من ضمان أن تحل محله الديمقراطية والاستقرار.
    وهناك درس قديم، يتعلمه العالم مرة أخرى، وهو أن الثورات لا يمكن التنبؤ بها، بل من المحتمل استمرارها لسنواتٍ قبل أن تتضح تداعياتها.

    ردحذف
  14. ثانيا: الولايات المتحدة لم تعد محرك اللعبة
    لم يكن الربيع العربي مربحاً للولايات المتحدة، ففي مستهل الأمر كانت تعتقد أنها أمام شرق أوسط راكد، تمتعت فيه بتحالفات يمكن أن تعتمد عليها في دول مثل مصر وإسرائيل والسعودية. ولم تستطع أن تجاري الأحداث المتتابعة في مصر التي انتخب فيها رئيس إسلامي هو محمد مرسي، ثم عزله الجيش بعد عام، وسط مطالبات شعبية بتنحيه.
    ولا يمكن لأحد أن يلوم إدارة أوباما لفشلها في مواكبة الأمور في الشرق الأوسط، فهي إدارة تحب الانتخابات، ولكن لا تحب نتائجها عندما يفوز الإخوان المسلمون فوزا كاسحا، في مصر.
    وهي أيضاً لا تحب الانقلابات العسكرية (في القرن الواحد والعشرين على الأقل) لكنها مرتاحة لوجود نظام مدعوم من الجيش يحافظ على فكرة السلام مع إسرائيل.

    ردحذف
  15. عاشرا: المربع رقم صفر
    بدت الخريطة التي رسمتها بريطانيا وفرنسا للشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى في طريقها للتفكك. فهناك دول مثل سوريا والعراق، التي جرى رسْم حدودها -كما هي الآن- لا يُعرف هل ستبقى في شكلها الحالي كدول موحدة خلال الخمس سنوات القادمة أم لا؟!

    ردحذف
  16. تاسعا: طفرة عقارات دبي
    ولا تزال تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط حاضرة خارج حدود الدول التي شهدتها، فهناك نظرية تقول إن سوق العقارات في دبي شهدت طفرة عندما اضطر أصحاب رؤوس أموال من دول غير مستقرة للبحث عن ملاذ آمن لاستثماراتهم ولعائلاتهم، وبلغت تلك التداعيات مستوى أشد في أسواق باريس ولندن العقارية.

    ردحذف