الثلاثاء، 12 يونيو 2018

أ : ب : ج : د : م :(1) الربيع العربي خطوة للأمام؟! أم خطوات للخلف؟! سابعا: وجهة نظر تحليل وعبر:




سابعا: وجهة نظر تحليل وعبر:
(1) الربيع العربي خطوة للأمام؟! أم خطوات للخلف؟!
(أ) مقدمة:
في البداية وقبل الخوض في ذلك الموضوع أود أن ألفت النظر إلى أن الصراع الذي يسود أركان العالم اليوم وأمس وغداً صراع ديني عقائدي: سواء كان هذا الصراع يأخذ طابع الحروب وأصوات البارود، أو يأخذ طابع الدبلوماسية والإعلام، فالحروب الصليبية لم تنتهي بعد، وإنما أخذت طابع جديد وشكل جديد عن الماضي.
لويس التاسع
ولن نذكر كثيراً من أقوال زعماء أوربا في العصر الحديث حول هذا الأمر، ونكتفي بتلك الكلمات، والتي تخص لويس التاسع ملك فرنسا صاحب الحملة الشهيرة على مصر، والذي أُسر في دار ابن لقمان بالمنصورة، فلقد كتب ذلك الرجل كلمات مازالت محفوظة حتى اليوم في دار الوثائق القومية في باريس جاء فيها: إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال الحرب، وإنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة بإتباع ما يلي:
·  إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين، وإذا حدثت فليُعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملا في إضعاف المسلمين.
·      عدم تمكين البلاد العربية والإسلامية أن يقوم فيها حكم صالح.
·  إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة.
·  الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه ويضحي في سبيل مبادئه.
·  العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة.
·  العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد حتى تصل إلى الغرب.
هذا ما أوصى به لويس التاسع ملك فرنسا بعد حملته الفاشلة على مصر، أوصى به ملوك أوربا، فكلهم ضد الإسلام سواء، و إذا ما عمقنا النظر، وأمعنا التفكير في تلك الكلمات لوجدناها تصرخ بالصدق في ما وصل إليه حالنا العربي والإسلامي.
كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا
ولا ننسى ما قام به كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا سنة 1907 حيث قام بتشكيل لجنة من علماء التاريخ ورجال القانون و السياسة ليس من بريطانيا وحدها وإنما من عدة دول أوربية، ووجه بنرمان خطابا لهذه اللجنة محدداً لها مهمتها وأهدافها
جاء فيه:
( إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى، ثم تستقر إلى حد ما، ثم تنحلَّ رويداً رويداً، وتزول، والتاريخ ملئ بتلك الأمثلة، وهي لا تتغير بالنسبة لأي إمبراطورية أو أمة، فهناك إمبراطوريات: روما وأثيبتا والهند والصين، وقبلها بابل وأشور والفراعنة وغيرها، فهل يمكن الحصول على أسباب أو وسائل تحول دون سقوط الاستعمار الأوربي وانهياره، أو تؤخر مصيره المظلم بعد أن بلغ الذروة الآن، وبعد أن أصبحت أوربا قارة قديمة استنفذت كل مواردها، وشاخت معالمها، بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه يتطلع إلى مزيد من العلم والتنظيم والرفاهية؟.)
هذا ولقد ظل هؤلاء العلماء يبحثون ويتدارسون طيلة سبعة أشهر، ثم قدموا نتيجة أبحاثهم في هيئة تقرير سري خاص إلى وزارة الخارجية البريطانية ومن أبرز ما جاء في هذا التقرير:
إن الخطر ضد الاستعمار الأوربي في آسيا وفي أفريقية ضئيل، ولكن الخطر الضخم يكمن في البحر المتوسط، وهذا البحر همزة الوصل بين الغرب والشرق، وحوضه مهد الأديان والحضارة، ويعيش في شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللسان، وكل مقومات التجمع والترابط، هذا فضلا عن نزعاته الثورية، وثرواته الطبيعية.
فماذا تكون النتيجة لو نقلتْ هذه المنطقة الوسائل الحديثة، وإمكانيات الثروة الصناعية الأوربية، وانتشر التعليم بها، وارتفعت الثقافة؟!
إذا حدث ما سلف فستحل الضربة القاضية حتما بالاستعمار الغربي، وبناءاً عليه، فإنه يمكن معالجة الموقف على النحو التالي:
-  على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزؤ هذه المنطقة... وتأخرها، وإبقاء شعوبها على ما هي عليه من تفكك وتأخر وجهل.
-  ضرورة العمل على فصل الجزء الأفريقي في هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وتقترح اللجنة لذلك إقامة حاجز بشري قوي، وغريب، يحتل الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا، بحيث يٌشكل في هذه المنطقة... وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار الأوربي... وعدوة لسكان المنطقة.
أريتم كيف يخططون لنا؟! وكيف قامت دولة إسرائيل؟! وأين قامت ؟!!

كما ينبغي علينا ألا ننسى ما ذكره راعي البقر السابق جورج دبليو بوش، وهو يخطب في جنوده المتوجهين إلى العراق فيما عُرف إعلامياً بالحرب على الإرهاب واصفاً الحرب على العراق المسلم لإسقاط صدام بأنها – حرب صليبية – ثم بعد ذلك ليقول عن تلك الجملة إنها زلة لسان، ونسى الأخ بوش أن زلات اللسان تُعبر عن ما هو مستقر في مكنون النفس، ويتصرف صاحبه على أساسه، ويُخفيه عن الناس.
وأكبر دليل على صدق ما جاء على لسان راعي البقر وحكومته ومنْ جاء بعده، أنهم يدسون صليباً في رمال شاطئ ميامي بأمريكا لكل جندي يُقتل في الحرب في العراق أو أفغانستان.
(ب) ملاحظات بدول الربيع العربي:
ومن ثمة فلا يمكن لأي ذي لُب أن يعتقد ولو لثانية واحدة أن هؤلاء القوم يريدون الخير للعرب أو للمسلمين، ولا يظن أحد أني أدافع عن أي نظام من الأنظمة العربية التي سقطت، أو التي في طريقها للسقوط فكلها أنظمة قد نخر السوس عظامها، وعف عليها الزمان، ولكن ما أردتُ شد الانتباه إليه هو تلك التصريحات التي خرجت على ألسنة زعماء الغرب الأوربي الأمريكي بتأييدهم للثورات العربية فيما أسموه بالربيع العربي، وكأنهم لا يعلمون عن الأمر شئ، أو أنهم قد تفاجأوا به وقت حدوثه، ظناً منهم أن العقلية العربية ما زالت كما هي تنظر إلى الأمر حال حدوثه ولا تربطه بما مضى.
ولكننا إذا ما عمقنا النظر، وتخلى كل منا عن حالة الانتشاء التي أصابته بعد انتفاضة التحرير, وسقوط النظام الحاكم، هذا فضلا عن تجردنا من عواطفنا وذاتيتنا ، وتخلينا عن تخويننا لبعضنا البعض،ونظرنا إلى الأمر بعين مجردة للاحظنا ما يلي:
الملاحظة الأولى:
فأول ملاحظة نلاحظها في بلاد الربيع العربي أن هذه الثورات قد وقعت في الدول التي كانت تتهيأ للتوريث بعلم أوربا وأمريكا، وبمباركة منها في العلن أحياناً، وفي الخفاء أحياناً أخرى مثلما حدث في سوريا: فتونس وليبيا ومصر واليمن جميعها كان بها مشاريع توريث.
الملاحظة الثانية:
أن هذه الثورات قد وقعت في الدول التي تمثل العمق الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية، فتونس ومصر وليبيا واليمن ترتبط بعلاقات متميزة مع المملكة العربية السعودية، ومن الممكن أن تقف بجوار السعودية حال تعرضها لأي عدوان، لاحظ ما تقوم به السعودية في تونس ومصر واليمن.
الملاحظة الثالثة:
الأزمة المالية الطاحنة التي تجتاح بلاد أوربا وأمريكا، والتي وصلت إلى حال يُنذر بسقوط بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
الملاحظة الرابعة:
أن هذه الدول التي وقعت بها الثورات: هي ذات الدول التي شهدت أكبر اضطهاد للحركات الإسلامية على اختلاف مسمياتها، ولقد زادت حدة هذا الاضطهاد وبتعليمات من أوربا وأمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتبمر.
الملاحظة الخامسة:
أن هذه الدول قد شهدت نوع من احتكار السلطة في يد مجموعة عملت على تحقيق مصالحها الخاصة ضاربة عرض الحائط بمصالح شعوبها، كما شهدت نوع من تحكم الحزب الحاكم (على اختلاف أسمائها) فيها على مقاليد الأمور، وإضعاف المعارضة حتى تحولت إلى معارضة صورية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى حدوث نوع من الغليان في الشارع بصفة عامة، و لدى القوى السياسية بصفة خاصة، ضد الحكومة والنظام.
(ج) تساؤل لابد منه:
وهنا وجب علينا أن نتساءل لماذا باركت أوربا وأمريكا مشاريع التوريث مع أصحابها في دول: تونس ومصر وليبيا واليمن؟! ومن خلفها عمدت إلى إسقاطها؟! والتخلص منها؟! بل والقضاء عليها؟! وتأليب الشعب ضدها حتى بعد سقوطها ؟!
أرق قلب كل من أمريكا وتابعتها أوربا لحال الشعوب العربية بتلك الدول؟! أم أنها بكت وسهرة الليالي لتُفكر في كيفية تخليص الشعوب المغلوبة على أمرها في تلك الدول من حكامها الفاسدين الظالمين؟!
لا أيها السادة إن أمريكا التي تشكل شعبها من صناديد الإجرام اللذين عجزت السجون البريطانية عن تحملهم، هؤلاء المجرمون اللذين أقاموا دولتهم على عظام وجماجم السكان الأصليين من الهنود الحُمر، لم يؤرقهم الفساد الذي انتشر في البلاد العربية، كما لم يؤرقهم حقوق الإنسان التي ضاعت في تلك البلاد، كما لم يبكوا على الظلم الذي تلاقيه شعوب العرب على يد حكامها، فأمريكا كما هي لا تعنيها سوى مصلحتها وبقاءها واستمرار قبضتها على العالم.
(د) الشرق الأوسط الجديد:
وحتى نستوعب الدرس أكثر لابد أن ندرك أن منْ يُسيطر على مقاليد الحكم في أمريكا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى الآن، هم ما يمكن تسميتهم بجماعة الصهيو مسيحية أو اليمين المتطرف أو المحافظين الجدد أو البروتستانت المتًدين، فهؤلاء الأفراد اللذين يسيطرون على الكونجرس الأمريكي وعلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويسيطرون على أروقة صُنع، واتخاذ القرار الأمريكي، ومن ثمة القرار العالمي يؤمنون بعقيدة راسخة:
 ألا وهي أن الديانة المسيحية لا تعدو عن كونها شكلا من أشكال الديانة اليهودية أو على الأقل تُمثل انحرافا عنها، كما يؤمنوا بعودة السيد/ المسيح – عليه السلام – إلى الأرض من جديد ليضمهم ويحتضنهم و يُريق دماء أعداءهم، ولكي يعود المسيح – عليه السلام – لابد من إقامة هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى، ولكي يتحقق ذلك لابد من الحفاظ على أمن إسرائيل، وهذا ما يُفسر لنا انحياز أمريكا التام لها.
ومادامت أمريكا تعتقد وتؤمن بذلك لا تملك كل منْ فرنسا وانجلترا سوى الدوران في فلكها، أما مجلس الأمن والأمم المتحدة، فما هما سوى دُميتين في يد هؤلاء الثلاثة يُحركوا قراراتها وفق المصلحة، ويمكن لأي ذي لُب أن يحصُر القرارات الخاصة بالسيد/ مجلس الأمن أو بالسيدة/ الأمم المتحدة ضد إسرائيل منذ نشأتها ؟! وما الذي دخل منها حيز التنفيذ؟! فسيجد أن محصلة التنفيذ صفراً؟!  
ولكي تتحقق كل هذه الأهداف وهي:
·      أمن إسرائيل.
·      إنعاش الاقتصاد الأمريكي الذي يعيش مرحلة الاحتضار.
·      الحفاظ على بقاء مصادر الطاقة ( البترول ) في أيدي أمينة.
كان لابد من إيجاد ما عُرف بالشرق الأوسط الجديد، الذي بشرت به السمراء كونداليزا رايس، ولعل هذه الثورات العربية: هي الصورة الناعمة للسيناريو الخشن الذي كانت قد طرحته إدارة بوش الابن تحت مشروع الشرق الأوسط الجديد، وملحقه فيما سُمي بالفوضى الخلاقة.
 ومن الأقوال المأثورة للسيدة كوندا ليزا رايس التي ينبغي لنا إمعان التفكير فيها قبل تركها لحقيبة الخارجية: "عملنا على مدى نصف قرن على كسب عمالة الحكام، واليوم يجب العمل على كسب عمالة الشعوب."
فأمريكا اليوم لا تريد حاكم عميل لها، وإنما تريد شعب عميل لها.
(م) الغباء السياسي لحكام دول الربيع العربي:
ولكي نستوعب الدرس أكثر تعالوا بنا نعود إلى الوراء بعض الشئ و لنبدأ بأحداث 11 سبتمبر التي يمكن وصفها بالزلزال السياسي، الذي أحدث نقلة نوعية في مدخلات ومخرجات السياسة الأمريكية، والسياسة الدولية من منطلق أن السياسة الأمريكية تُعد المحدد الرئيسي في السياسة الكونية، وعليه يجب أن نرصد ما تم من تغيير في أهداف وآليات السياسة الأمريكية، ومن أهمها التراجع الأمريكي عن دعم عمليات الإصلاح في الدول الصديقة للولايات المتحدة.
 وهو ما أحدث فجوة بين الشعوب العربية والولايات المتحدة الأمريكية حيث بدت الإدارة الأمريكية منحازة للأنظمة ولا تنحاز للشعوب، وهذا يعود إلى أجندة الأهداف الأمريكية في تلك المرحلة وهى محاربة الإرهاب، ومحاربة الدول الراعية للإرهاب.
 وبدت السياسة الأمريكية تنطلق من قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا، وتم تقسيم العالم إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، والدول المارقة، أو الراعية للإرهاب، هذا بخلاف ما طال المنظمات الإسلامية المختلفة من وصف بالإرهاب، ومصادرة لأموالها، وتقليم لأظافرها.
وكانت معظم الدول التي وقعت بها الثورات من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما خلق حالة عدائية غير مسبوقة ضد السياسة الأمريكية في الشارع وباتت الشعوب تصنف الأنظمة التي تدعم السياسات الأمريكية بالعميلة، ومنذ أحداث سبتمبر قامت الولايات المتحدة باحتلال دولا عربية وإسلامية وهى أفغانستان والعراق، وطبقت سياسات تمييز عنصري ضد الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وفى كل أوربا مما أثار غضب وسخط الشعوب الإسلامية حيث تحولت السياسة الأمريكية إلى سياسة ضد الإسلام، وضد الشعائر الإسلامية السنية على وجه الخصوص، وجرت مضايقات للمحجبات في أوربا وأمريكا، وتم فرض مراقبة صارمة على المساجد، ووصل الأمر إلى حرق المصحف الشريف، والإساءة المتعمدة لرسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – في بعض وسائل الإعلام الأوربية.
لقي ثمانية أشخاص على الأقل حتفهم خلال احتجاجات عنيفة في العاصمة الأفغانية كابول ومدينة جلال آباد بعد إحراق نسخ من القرآن في قاعدة باغرام العسكرية الأمريكية.
كل هذا العداء الذي برز ضد الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان مقصوداً من قبل الأمريكان، لإحداث نوع من الغليان في الشارعين العربي والإسلامي ضد الولايات المتحدة بصفة عامة، والغرب كله بصفة خاصة على أن هذا الغليان ينصب في النهاية على الحكام العرب بصفة خاصة بل و الأنظمة العربية بصفة عامة، وذلك لضعف ردود أفعالها على ما يجري ويدور للإسلام والمسلمين على يد أوربا وأمريكا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الأنظمة تُصر على استمرار تحالفها مع الولايات المتحدة بل والخضوع التام لسياساتها.
إن الحكام العرب وبخاصة في دول الربيع العربي قد اتصفوا بالغباء السياسي التام في قراءة الأحداث، والتعامل معها، فقد تناسوا تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية القائم على القول المأثور لهنري كسنجر وزير خارجيتها الأسبق حيث قال: لا يوجد أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح مشتركة، فأينما كانت المصلحة حلت الصداقة، ومتى ذهبت المصلحة حلت العداوة.

لقد تناسوا تاريخهم مع شاه إيران، وصدام العراق، وطالبان أفغانستان، فهم كانوا أصدقاء، ما دامت مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك، فلما ذهبت المصلحة حلت العداوة، فتم الانقلاب على الشاة بمنعه من استخدام القوة ضد الثائرين على حكمه، وانقلبوا على صدام وعلقوه على المشانق بعد أن أدى دوره، وطردوا طالبان بعد أن دحروا السوفيت فالمصلحة هي الأساس.
وبدلا من أن يتصرف هؤلاء الحكام على تلك القاعدة فيحتموا بشعوبهم، ويحققوا لهم مطالبهم في الإصلاح، داروا في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، فضيقوا الحريات ونكلوا بالإسلاميين، وأرهقوا شعوبهم باللهث خلف لقمة العيش...الخ ظناً منهم أنهم يُرضون شيطان العالم الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية، التي فرحت بما فعلوه وشجعتهم عليه، بل وطمأنتهم على التوريث، لأنهم بسلوكهم يرفعون درجة الغليان داخل شعوبهم، وهذا ما تُريده أمريكا في الوقت الحاضر، فقد حانت لحظة الخلاص من هؤلاء الحكام، فقد أدوا ما عليهم من أدوار، وحان وقت خروجهم من ساحة اللعب، فقد أضمرت أمريكا شئ آخر، فقد لاح لها في الأفق تحالف جديد تمضي إليه سراً يُحقق مصالحها في الوقت الحاضر، وهو التحالف مع إيران، وليس هذا التحالف السري مستمراً مادامت الحياة، ولكنه سيتمر مادام يحقق مصالح أمريكا، فإذا ما تحققت بحثت عن تحالف جديد يُحقق لها مصالحها.

بينما كان حُكامنا منشغلين بقضية التوريث، وسن القوانين لتحقيق ذلك، فلم تغب صورة الرئيس صدام حسين عن مخيلة حكامنا، وهو معلق على المشانق بفعل الشيعة، وبتسهيل من أصدقاء الأمس من الأمريكان، اللذين قدموه كأضحية في يوم النحر إرضاءاً للتحالف الجديد القديم مع الشيعة، اللذين حاربهم بالأمس إرضاءاً لأمريكا، واليوم هي ترد له الجميل فتقدمه لهم ضحية في عيد النحر في مسلسل لن ينتهي في لعبة المصالح الأمريكية.
وللأسف الشديد بدلاً من أن يستوعب حكامنا الدرس بشكل إيجابي، ويهرولوا بعيداَ عن الأمريكان، ويحتموا بشعوبهم ،استوعبوا الدرس بشكل سلبي، فهرولوا إلى أحضان الأمريكان، الذين كمموا منهم العيون والآذان حتى لا يبصروا ولا يسمعوا ما يدور حولهم، كان كل منهم يتحسس عنقه، وهو يتخيل نفسه في ذات مصير صدام، ونسوا أن مشانق التاريخ أشد وأنكى من مشانق السجون.
لقد اتخذ الأمريكان من بوش حتى أوباما من أحداث 11 سبتمبر الذريعة التي رتبتها الولايات المتحدة لتشن حربا على الدول العربية والإسلامية، وتفتح أبواب التدخل على مصراعيها في شئون العالم كله. فقد نصبت "الإرهاب الإسلامي السني!!" ـ عدوا بديلا عن الإتحاد السوفيتي ليكون ذريعة لإرهاب شعوب العالم، ولنهب ثرواتها، والتدخل في تفاصيل شئونها السياسية والثقافي بل والعقائدية.

هناك 13 تعليقًا:

  1. كل هذا العداء الذي برز ضد الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان مقصوداً من قبل الأمريكان، لإحداث نوع من الغليان في الشارعين العربي والإسلامي ضد الولايات المتحدة بصفة عامة، والغرب كله بصفة خاصة على أن هذا الغليان ينصب في النهاية على الحكام العرب بصفة خاصة بل و الأنظمة العربية بصفة عامة، وذلك لضعف ردود أفعالها على ما يجري ويدور للإسلام والمسلمين على يد أوربا وأمريكا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الأنظمة تُصر على استمرار تحالفها مع الولايات المتحدة بل والخضوع التام لسياساتها.
    إن الحكام العرب وبخاصة في دول الربيع العربي قد اتصفوا بالغباء السياسي التام في قراءة الأحداث، والتعامل معها، فقد تناسوا تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية القائم على القول المأثور لهنري كسنجر وزير خارجيتها الأسبق حيث قال: لا يوجد أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح مشتركة، فأينما كانت المصلحة حلت الصداقة، ومتى ذهبت المصلحة حلت العداوة.

    ردحذف
  2. ولا ننسى ما قام به كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا سنة 1907 حيث قام بتشكيل لجنة من علماء التاريخ ورجال القانون و السياسة ليس من بريطانيا وحدها وإنما من عدة دول أوربية، ووجه بنرمان خطابا لهذه اللجنة محدداً لها مهمتها وأهدافها
    جاء فيه:
    ( إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى، ثم تستقر إلى حد ما، ثم تنحلَّ رويداً رويداً، وتزول، والتاريخ ملئ بتلك الأمثلة، وهي لا تتغير بالنسبة لأي إمبراطورية أو أمة، فهناك إمبراطوريات: روما وأثيبتا والهند والصين، وقبلها بابل وأشور والفراعنة وغيرها، فهل يمكن الحصول على أسباب أو وسائل تحول دون سقوط الاستعمار الأوربي وانهياره، أو تؤخر مصيره المظلم بعد أن بلغ الذروة الآن، وبعد أن أصبحت أوربا قارة قديمة استنفذت كل مواردها، وشاخت معالمها، بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه يتطلع إلى مزيد من العلم والتنظيم والرفاهية؟.)
    هذا ولقد ظل هؤلاء العلماء يبحثون ويتدارسون طيلة سبعة أشهر، ثم قدموا نتيجة أبحاثهم في هيئة تقرير سري خاص إلى وزارة الخارجية البريطانية ومن أبرز ما جاء في هذا التقرير:
    إن الخطر ضد الاستعمار الأوربي في آسيا وفي أفريقية ضئيل، ولكن الخطر الضخم يكمن في البحر المتوسط، وهذا البحر همزة الوصل بين الغرب والشرق، وحوضه مهد الأديان والحضارة، ويعيش في شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللسان، وكل مقومات التجمع والترابط، هذا فضلا عن نزعاته الثورية، وثرواته الطبيعية.
    فماذا تكون النتيجة لو نقلتْ هذه المنطقة الوسائل الحديثة، وإمكانيات الثروة الصناعية الأوربية، وانتشر التعليم بها، وارتفعت الثقافة؟!
    إذا حدث ما سلف فستحل الضربة القاضية حتما بالاستعمار الغربي، وبناءاً عليه، فإنه يمكن معالجة الموقف على النحو التالي:
    - على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزؤ هذه المنطقة... وتأخرها، وإبقاء شعوبها على ما هي عليه من تفكك وتأخر وجهل.
    - ضرورة العمل على فصل الجزء الأفريقي في هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وتقترح اللجنة لذلك إقامة حاجز بشري قوي، وغريب، يحتل الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا، بحيث يٌشكل في هذه المنطقة... وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار الأوربي... وعدوة لسكان المنطقة.
    أريتم كيف يخططون لنا؟! وكيف قامت دولة إسرائيل؟! وأين قامت ؟!!

    ردحذف
  3. (د) الشرق الأوسط الجديد:
    وحتى نستوعب الدرس أكثر لابد أن ندرك أن منْ يُسيطر على مقاليد الحكم في أمريكا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى الآن، هم ما يمكن تسميتهم بجماعة الصهيو مسيحية أو اليمين المتطرف أو المحافظين الجدد أو البروتستانت المتًدين، فهؤلاء الأفراد اللذين يسيطرون على الكونجرس الأمريكي وعلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويسيطرون على أروقة صُنع، واتخاذ القرار الأمريكي، ومن ثمة القرار العالمي يؤمنون بعقيدة راسخة:
    ألا وهي أن الديانة المسيحية لا تعدو عن كونها شكلا من أشكال الديانة اليهودية أو على الأقل تُمثل انحرافا عنها، كما يؤمنوا بعودة السيد/ المسيح – عليه السلام – إلى الأرض من جديد ليضمهم ويحتضنهم و يُريق دماء أعداءهم، ولكي يعود المسيح – عليه السلام – لابد من إقامة هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى، ولكي يتحقق ذلك لابد من الحفاظ على أمن إسرائيل، وهذا ما يُفسر لنا انحياز أمريكا التام لها.
    ومادامت أمريكا تعتقد وتؤمن بذلك لا تملك كل منْ فرنسا وانجلترا سوى الدوران في فلكها، أما مجلس الأمن والأمم المتحدة، فما هما سوى دُميتين في يد هؤلاء الثلاثة يُحركوا قراراتها وفق المصلحة، ويمكن لأي ذي لُب أن يحصُر القرارات الخاصة بالسيد/ مجلس الأمن أو بالسيدة/ الأمم المتحدة ضد إسرائيل منذ نشأتها ؟! وما الذي دخل منها حيز التنفيذ؟! فسيجد أن محصلة التنفيذ صفراً؟!
    ولكي تتحقق كل هذه الأهداف وهي:
    · أمن إسرائيل.
    · إنعاش الاقتصاد الأمريكي الذي يعيش مرحلة الاحتضار.
    · الحفاظ على بقاء مصادر الطاقة ( البترول ) في أيدي أمينة.
    كان لابد من إيجاد ما عُرف بالشرق الأوسط الجديد، الذي بشرت به السمراء كونداليزا رايس، ولعل هذه الثورات العربية: هي الصورة الناعمة للسيناريو الخشن الذي كانت قد طرحته إدارة بوش الابن تحت مشروع الشرق الأوسط الجديد، وملحقه فيما سُمي بالفوضى الخلاقة.
    ومن الأقوال المأثورة للسيدة كوندا ليزا رايس التي ينبغي لنا إمعان التفكير فيها قبل تركها لحقيبة الخارجية: "عملنا على مدى نصف قرن على كسب عمالة الحكام، واليوم يجب العمل على كسب عمالة الشعوب."
    فأمريكا اليوم لا تريد حاكم عميل لها، وإنما تريد شعب عميل لها.

    ردحذف
  4. (م) الغباء السياسي لحكام دول الربيع العربي:
    ولكي نستوعب الدرس أكثر تعالوا بنا نعود إلى الوراء بعض الشئ و لنبدأ بأحداث 11 سبتمبر التي يمكن وصفها بالزلزال السياسي، الذي أحدث نقلة نوعية في مدخلات ومخرجات السياسة الأمريكية، والسياسة الدولية من منطلق أن السياسة الأمريكية تُعد المحدد الرئيسي في السياسة الكونية، وعليه يجب أن نرصد ما تم من تغيير في أهداف وآليات السياسة الأمريكية، ومن أهمها التراجع الأمريكي عن دعم عمليات الإصلاح في الدول الصديقة للولايات المتحدة.
    وهو ما أحدث فجوة بين الشعوب العربية والولايات المتحدة الأمريكية حيث بدت الإدارة الأمريكية منحازة للأنظمة ولا تنحاز للشعوب، وهذا يعود إلى أجندة الأهداف الأمريكية في تلك المرحلة وهى محاربة الإرهاب، ومحاربة الدول الراعية للإرهاب.
    وبدت السياسة الأمريكية تنطلق من قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا، وتم تقسيم العالم إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، والدول المارقة، أو الراعية للإرهاب، هذا بخلاف ما طال المنظمات الإسلامية المختلفة من وصف بالإرهاب، ومصادرة لأموالها، وتقليم لأظافرها.
    وكانت معظم الدول التي وقعت بها الثورات من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما خلق حالة عدائية غير مسبوقة ضد السياسة الأمريكية في الشارع وباتت الشعوب تصنف الأنظمة التي تدعم السياسات الأمريكية بالعميلة، ومنذ أحداث سبتمبر قامت الولايات المتحدة باحتلال دولا عربية وإسلامية وهى أفغانستان والعراق، وطبقت سياسات تمييز عنصري ضد الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وفى كل أوربا مما أثار غضب وسخط الشعوب الإسلامية حيث تحولت السياسة الأمريكية إلى سياسة ضد الإسلام، وضد الشعائر الإسلامية السنية على وجه الخصوص، وجرت مضايقات للمحجبات في أوربا وأمريكا، وتم فرض مراقبة صارمة على المساجد، ووصل الأمر إلى حرق المصحف الشريف، والإساءة المتعمدة لرسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – في بعض وسائل الإعلام الأوربية.

    ردحذف
  5. (م) الغباء السياسي لحكام دول الربيع العربي:
    ولكي نستوعب الدرس أكثر تعالوا بنا نعود إلى الوراء بعض الشئ و لنبدأ بأحداث 11 سبتمبر التي يمكن وصفها بالزلزال السياسي، الذي أحدث نقلة نوعية في مدخلات ومخرجات السياسة الأمريكية، والسياسة الدولية من منطلق أن السياسة الأمريكية تُعد المحدد الرئيسي في السياسة الكونية، وعليه يجب أن نرصد ما تم من تغيير في أهداف وآليات السياسة الأمريكية، ومن أهمها التراجع الأمريكي عن دعم عمليات الإصلاح في الدول الصديقة للولايات المتحدة.
    وهو ما أحدث فجوة بين الشعوب العربية والولايات المتحدة الأمريكية حيث بدت الإدارة الأمريكية منحازة للأنظمة ولا تنحاز للشعوب، وهذا يعود إلى أجندة الأهداف الأمريكية في تلك المرحلة وهى محاربة الإرهاب، ومحاربة الدول الراعية للإرهاب.
    وبدت السياسة الأمريكية تنطلق من قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا، وتم تقسيم العالم إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، والدول المارقة، أو الراعية للإرهاب، هذا بخلاف ما طال المنظمات الإسلامية المختلفة من وصف بالإرهاب، ومصادرة لأموالها، وتقليم لأظافرها.
    وكانت معظم الدول التي وقعت بها الثورات من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما خلق حالة عدائية غير مسبوقة ضد السياسة الأمريكية في الشارع وباتت الشعوب تصنف الأنظمة التي تدعم السياسات الأمريكية بالعميلة، ومنذ أحداث سبتمبر قامت الولايات المتحدة باحتلال دولا عربية وإسلامية وهى أفغانستان والعراق، وطبقت سياسات تمييز عنصري ضد الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وفى كل أوربا مما أثار غضب وسخط الشعوب الإسلامية حيث تحولت السياسة الأمريكية إلى سياسة ضد الإسلام، وضد الشعائر الإسلامية السنية على وجه الخصوص، وجرت مضايقات للمحجبات في أوربا وأمريكا، وتم فرض مراقبة صارمة على المساجد، ووصل الأمر إلى حرق المصحف الشريف، والإساءة المتعمدة لرسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – في بعض وسائل الإعلام الأوربية.

    ردحذف
  6. بينما كان حُكامنا منشغلين بقضية التوريث، وسن القوانين لتحقيق ذلك، فلم تغب صورة الرئيس صدام حسين عن مخيلة حكامنا، وهو معلق على المشانق بفعل الشيعة، وبتسهيل من أصدقاء الأمس من الأمريكان، اللذين قدموه كأضحية في يوم النحر إرضاءاً للتحالف الجديد القديم مع الشيعة، اللذين حاربهم بالأمس إرضاءاً لأمريكا، واليوم هي ترد له الجميل فتقدمه لهم ضحية في عيد النحر في مسلسل لن ينتهي في لعبة المصالح الأمريكية.
    وللأسف الشديد بدلاً من أن يستوعب حكامنا الدرس بشكل إيجابي، ويهرولوا بعيداَ عن الأمريكان، ويحتموا بشعوبهم ،استوعبوا الدرس بشكل سلبي، فهرولوا إلى أحضان الأمريكان، الذين كمموا منهم العيون والآذان حتى لا يبصروا ولا يسمعوا ما يدور حولهم، كان كل منهم يتحسس عنقه، وهو يتخيل نفسه في ذات مصير صدام، ونسوا أن مشانق التاريخ أشد وأنكى من مشانق السجون.
    لقد اتخذ الأمريكان من بوش حتى أوباما من أحداث 11 سبتمبر الذريعة التي رتبتها الولايات المتحدة لتشن حربا على الدول العربية والإسلامية، وتفتح أبواب التدخل على مصراعيها في شئون العالم كله. فقد نصبت "الإرهاب الإسلامي السني!!" ـ عدوا بديلا عن الإتحاد السوفيتي ليكون ذريعة لإرهاب شعوب العالم، ولنهب ثرواتها، والتدخل في تفاصيل شئونها السياسية والثقافي بل والعقائدية.

    ردحذف
  7. كما ينبغي علينا ألا ننسى ما ذكره راعي البقر السابق جورج دبليو بوش، وهو يخطب في جنوده المتوجهين إلى العراق فيما عُرف إعلامياً بالحرب على الإرهاب واصفاً الحرب على العراق المسلم لإسقاط صدام بأنها – حرب صليبية – ثم بعد ذلك ليقول عن تلك الجملة إنها زلة لسان، ونسى الأخ بوش أن زلات اللسان تُعبر عن ما هو مستقر في مكنون النفس، ويتصرف صاحبه على أساسه، ويُخفيه عن الناس.
    وأكبر دليل على صدق ما جاء على لسان راعي البقر وحكومته ومنْ جاء بعده، أنهم يدسون صليباً في رمال شاطئ ميامي بأمريكا لكل جندي يُقتل في الحرب في العراق أو أفغانستان.

    ردحذف
  8. (ب) ملاحظات بدول الربيع العربي:
    ومن ثمة فلا يمكن لأي ذي لُب أن يعتقد ولو لثانية واحدة أن هؤلاء القوم يريدون الخير للعرب أو للمسلمين، ولا يظن أحد أني أدافع عن أي نظام من الأنظمة العربية التي سقطت، أو التي في طريقها للسقوط فكلها أنظمة قد نخر السوس عظامها، وعف عليها الزمان، ولكن ما أردتُ شد الانتباه إليه هو تلك التصريحات التي خرجت على ألسنة زعماء الغرب الأوربي الأمريكي بتأييدهم للثورات العربية فيما أسموه بالربيع العربي، وكأنهم لا يعلمون عن الأمر شئ، أو أنهم قد تفاجأوا به وقت حدوثه، ظناً منهم أن العقلية العربية ما زالت كما هي تنظر إلى الأمر حال حدوثه ولا تربطه بما مضى.
    ولكننا إذا ما عمقنا النظر، وتخلى كل منا عن حالة الانتشاء التي أصابته بعد انتفاضة التحرير, وسقوط النظام الحاكم، هذا فضلا عن تجردنا من عواطفنا وذاتيتنا ، وتخلينا عن تخويننا لبعضنا البعض،ونظرنا إلى الأمر بعين مجردة للاحظنا ما يلي:
    الملاحظة الأولى:
    فأول ملاحظة نلاحظها في بلاد الربيع العربي أن هذه الثورات قد وقعت في الدول التي كانت تتهيأ للتوريث بعلم أوربا وأمريكا، وبمباركة منها في العلن أحياناً، وفي الخفاء أحياناً أخرى مثلما حدث في سوريا: فتونس وليبيا ومصر واليمن جميعها كان بها مشاريع توريث.
    الملاحظة الثانية:
    أن هذه الثورات قد وقعت في الدول التي تمثل العمق الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية، فتونس ومصر وليبيا واليمن ترتبط بعلاقات متميزة مع المملكة العربية السعودية، ومن الممكن أن تقف بجوار السعودية حال تعرضها لأي عدوان، لاحظ ما تقوم به السعودية في تونس ومصر واليمن.
    الملاحظة الثالثة:
    الأزمة المالية الطاحنة التي تجتاح بلاد أوربا وأمريكا، والتي وصلت إلى حال يُنذر بسقوط بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
    الملاحظة الرابعة:
    أن هذه الدول التي وقعت بها الثورات: هي ذات الدول التي شهدت أكبر اضطهاد للحركات الإسلامية على اختلاف مسمياتها، ولقد زادت حدة هذا الاضطهاد وبتعليمات من أوربا وأمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتبمر.
    الملاحظة الخامسة:
    أن هذه الدول قد شهدت نوع من احتكار السلطة في يد مجموعة عملت على تحقيق مصالحها الخاصة ضاربة عرض الحائط بمصالح شعوبها، كما شهدت نوع من تحكم الحزب الحاكم (على اختلاف أسمائها) فيها على مقاليد الأمور، وإضعاف المعارضة حتى تحولت إلى معارضة صورية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى حدوث نوع من الغليان في الشارع بصفة عامة، و لدى القوى السياسية بصفة خاصة، ضد الحكومة والنظام.

    ردحذف
  9. كل هذا العداء الذي برز ضد الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان مقصوداً من قبل الأمريكان، لإحداث نوع من الغليان في الشارعين العربي والإسلامي ضد الولايات المتحدة بصفة عامة، والغرب كله بصفة خاصة على أن هذا الغليان ينصب في النهاية على الحكام العرب بصفة خاصة بل و الأنظمة العربية بصفة عامة، وذلك لضعف ردود أفعالها على ما يجري ويدور للإسلام والمسلمين على يد أوربا وأمريكا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الأنظمة تُصر على استمرار تحالفها مع الولايات المتحدة بل والخضوع التام لسياساتها.
    إن الحكام العرب وبخاصة في دول الربيع العربي قد اتصفوا بالغباء السياسي التام في قراءة الأحداث، والتعامل معها، فقد تناسوا تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية القائم على القول المأثور لهنري كسنجر وزير خارجيتها الأسبق حيث قال: لا يوجد أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح مشتركة، فأينما كانت المصلحة حلت الصداقة، ومتى ذهبت المصلحة حلت العداوة.

    ردحذف
  10. كل هذا العداء الذي برز ضد الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان مقصوداً من قبل الأمريكان، لإحداث نوع من الغليان في الشارعين العربي والإسلامي ضد الولايات المتحدة بصفة عامة، والغرب كله بصفة خاصة على أن هذا الغليان ينصب في النهاية على الحكام العرب بصفة خاصة بل و الأنظمة العربية بصفة عامة، وذلك لضعف ردود أفعالها على ما يجري ويدور للإسلام والمسلمين على يد أوربا وأمريكا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن هذه الأنظمة تُصر على استمرار تحالفها مع الولايات المتحدة بل والخضوع التام لسياساتها.
    إن الحكام العرب وبخاصة في دول الربيع العربي قد اتصفوا بالغباء السياسي التام في قراءة الأحداث، والتعامل معها، فقد تناسوا تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية القائم على القول المأثور لهنري كسنجر وزير خارجيتها الأسبق حيث قال: لا يوجد أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن توجد مصالح مشتركة، فأينما كانت المصلحة حلت الصداقة، ومتى ذهبت المصلحة حلت العداوة.

    ردحذف
  11. ولا ننسى ما قام به كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا سنة 1907 حيث قام بتشكيل لجنة من علماء التاريخ ورجال القانون و السياسة ليس من بريطانيا وحدها وإنما من عدة دول أوربية، ووجه بنرمان خطابا لهذه اللجنة محدداً لها مهمتها وأهدافها
    جاء فيه:
    ( إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى، ثم تستقر إلى حد ما، ثم تنحلَّ رويداً رويداً، وتزول، والتاريخ ملئ بتلك الأمثلة، وهي لا تتغير بالنسبة لأي إمبراطورية أو أمة، فهناك إمبراطوريات: روما وأثيبتا والهند والصين، وقبلها بابل وأشور والفراعنة وغيرها، فهل يمكن الحصول على أسباب أو وسائل تحول دون سقوط الاستعمار الأوربي وانهياره، أو تؤخر مصيره المظلم بعد أن بلغ الذروة الآن، وبعد أن أصبحت أوربا قارة قديمة استنفذت كل مواردها، وشاخت معالمها، بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه يتطلع إلى مزيد من العلم والتنظيم والرفاهية؟.)
    هذا ولقد ظل هؤلاء العلماء يبحثون ويتدارسون طيلة سبعة أشهر، ثم قدموا نتيجة أبحاثهم في هيئة تقرير سري خاص إلى وزارة الخارجية البريطانية ومن أبرز ما جاء في هذا التقرير:
    إن الخطر ضد الاستعمار الأوربي في آسيا وفي أفريقية ضئيل، ولكن الخطر الضخم يكمن في البحر المتوسط، وهذا البحر همزة الوصل بين الغرب والشرق، وحوضه مهد الأديان والحضارة، ويعيش في شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللسان، وكل مقومات التجمع والترابط، هذا فضلا عن نزعاته الثورية، وثرواته الطبيعية.
    فماذا تكون النتيجة لو نقلتْ هذه المنطقة الوسائل الحديثة، وإمكانيات الثروة الصناعية الأوربية، وانتشر التعليم بها، وارتفعت الثقافة؟!
    إذا حدث ما سلف فستحل الضربة القاضية حتما بالاستعمار الغربي، وبناءاً عليه، فإنه يمكن معالجة الموقف على النحو التالي:
    - على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزؤ هذه المنطقة... وتأخرها، وإبقاء شعوبها على ما هي عليه من تفكك وتأخر وجهل.
    - ضرورة العمل على فصل الجزء الأفريقي في هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وتقترح اللجنة لذلك إقامة حاجز بشري قوي، وغريب، يحتل الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا، بحيث يٌشكل في هذه المنطقة... وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار الأوربي... وعدوة لسكان المنطقة.
    أريتم كيف يخططون لنا؟! وكيف قامت دولة إسرائيل؟! وأين قامت ؟!!

    ردحذف
  12. في البداية وقبل الخوض في ذلك الموضوع أود أن ألفت النظر إلى أن الصراع الذي يسود أركان العالم اليوم وأمس وغداً صراع ديني عقائدي: سواء كان هذا الصراع يأخذ طابع الحروب وأصوات البارود، أو يأخذ طابع الدبلوماسية والإعلام، فالحروب الصليبية لم تنتهي بعد، وإنما أخذت طابع جديد وشكل جديد عن الماضي.

    ردحذف
  13. فماذا تكون النتيجة لو نقلتْ هذه المنطقة الوسائل الحديثة، وإمكانيات الثروة الصناعية الأوربية، وانتشر التعليم بها، وارتفعت الثقافة؟!
    إذا حدث ما سلف فستحل الضربة القاضية حتما بالاستعمار الغربي، وبناءاً عليه، فإنه يمكن معالجة الموقف على النحو التالي:
    - على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزؤ هذه المنطقة... وتأخرها، وإبقاء شعوبها على ما هي عليه من تفكك وتأخر وجهل.
    - ضرورة العمل على فصل الجزء الأفريقي في هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وتقترح اللجنة لذلك إقامة حاجز بشري قوي، وغريب، يحتل الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا، بحيث يٌشكل في هذه المنطقة... وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار الأوربي... وعدوة لسكان المنطقة.
    أريتم كيف يخططون لنا؟! وكيف قامت دولة إسرائيل؟! وأين قامت ؟!!

    ردحذف