الأحد، 25 مارس 2018

(12) مخططات اليهود ومصالح الغرب الصليبي:ثالثا: ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:



ثالثا: ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:
(12) مخططات اليهود ومصالح الغرب الصليبي:
توطئة: نشأة إسرائيل:
لا يمكن إغفال أو تجاهل الخلفية الدينية والخلفية السياسية التي نشأت على أساسها دولة إسرائيل الصهيونية، وذلك على النحو التالي:
(1) الخلفية الدينية:
 فأما الخلفية الدينية فتمثلها تلك النصوص المنسوبة كذبا لتوراة نبي الله موسى – عليه السلام -:
" وذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسيين سكان الأرض … وأخذ داود حصن صهيون "(صموئيل الثاني /5)
" أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي "(مزامير/2)
" دعوا للرب الساكن في صهيون ، لأنه مطالب بالدماء "(مزامير/9) .
" أذاني الرب صهيون يرى بمجده .. لكي يحدث في صهيون باسم الرب وبتسبيحه في أورشليم "(مزامير/102)
" لأن الرب قد اختار صهيون اشتهاها مسكنا له " (مزامير/132)
 " ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب إلى بيت إله يعقوب فيعلمنا من طرقه ونسلك في سبله ، لأن من صهيون تخرج الشريعة ، ومن أورشليم كلمة الرب "(اشعيا/2).
 " طوبى لجميع منتظريه ، لأن الشعب في صهيون يسكن في أورشليم "(اشعيا/30) .
" على جبل عال اصعدي مبشرة صهيون ، ارفعي صوتك بقوة يا مبشرة أورشليم "(اشعيا/40(

قبل تأمل تلك النصوص علينا أن ندرك أن الصهيونية تعني (محبي صهيون Lovers of zion) ، وصهيون اسم جبل يقع جنوب القدس،ولا يمكن التفريق بين اليهودية والصهيونية ، فالصهيونية وليدة اليهودية ، ونتاج لها،أو هما  وجهان لعملة واحدة ، وحين نقول إن الصهيونية يهودية المنشأ والفكر والأسلوب فلا نقصد بذلك ديانة موسى ـ عليه السلام ـ فإن موسى برئ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، ولكن أعني أن الصهيونية قرينة اليهودية المزيفة والمحرفة في المنشأ والفكر والأسلوب وذلك لتحقيق غاية وأهداف محرفة متمثلة في إقامة وطن لليهود في فلسطين على اعتبار الوعد الإلهي بأن أرض كنعان منحة وهبة وهدية من الله لشعبه اليهودي المختار والمفضل على باقي الشعوب والأجناس  والأمم الأخرى، وأن العلاقة بينهما علاقة السيد بالعبد، فاليهودي سيد، وباقي الأمم له عبيد.
وإذا ما تأملنا النصوص التوراتية السابقة نجد أنفسنا أمام ثلاثة أمور كل منها يؤكد الآخر:
الأول : أنه لا فرق بين اليهودية المزيفة والصهيونية
الثاني : ارتباط  منشأ الصهيونية ، بمنشأ اليهودية المزيفة .
الثالث: إضفاء القداسة أو الصبغة الدينية على الصهيونية لتستتر بها وتُخفي أهدافها.
لا معنى لإسرائيل من دون القدس ولا معنى للقدس من دون الهيكل – بن غوريون

فإذا كانت كلمة صهيوني يُقصد بها الشخص المؤمن بحق اليهود بالتجمع والعودة إلى أرض فلسطين، فهي في ذات الوقت مشتقة ونابعة من كلمة صهيون التي ذكرت في العهد القديم من الكتاب المقدس (التوراة)  في مواقع كثيرة مرتبطة بقداسة المكان، ومن ثمة ضرورة العودة إليه باعتباره منحة وهبة وهدية من الله ( حسب زعمهم ) لشعبه اليهودي المختار، ولا نغفل شيء آخر في تلك النصوص وهو ارتباط صهيون بمنْ بنبي الله داوود – عليه السلام – ولماذا داوود لأنه الشاب الصغير القوي الذي ظهرت على يديه الكثير من المعجزات والذي تمكن من قتل جالوت عدو اليهود اللدود، في المعركة  المقدسة التي عاد لهم فيها التابوت المقدس، وهنا تحمل النصوص إشارة ضمنية إلى كل يهودي مشتت مضطهد في مكان عليك بالهجرة والعودة إلى أرض الميعاد حتى يتبدل بك الحال من العبودية والاضطهاد حيث تُقيم إلى العزة والسيادة في صهيون أي في فلسطين.
ومن ثمة تُصبح العودة إلى فلسطين والإقامة بها عملاً من أعمال التقوى لا عملاً من أعمال الدنيا وجزاؤه يكون في الآخرة. ومن هنا برز حب اليهود لصهيون ، والذي عبر عن نفسه من خلال الصلاة والتجارب والطقوس الدينية المختلفة ، وارتباط ذلك التعبد بالذهاب إلى فلسطين للعيش بغرض التعبد ،ولذا كان المهاجرون اليهود الذين يستقرون هناك لا يعملون ويعيشون على الصدقات التي يرسلها أعضاء الأقليات اليهودية في العالم
ومن هنا كان لكلمة صهيون إيحاءات شعائرية ودينيه في الوجدان الديني اليهودي ، فقد أتى في المزمور رقم 1837 على لسان اليهود بعد تهجيرهم إلى بابل : " جلسنا على ضفاف أنهار بابل وزرفنا الدمع حينما تذكرنا صهيون " .
وعد بلفور

فصهيون بالنسبة لهم هي: التعبد، هي: التحول من الضعف إلى القوة ، هي: التجمع بعد الشتات، هي: السيادة بعد العبودية، هي: أرض الموعد، هي: المنحة والهبة من الله لشعبه اليهودي المختار، هي: مكان ملك اليهود القادم والذي سيكون من نسل منْ ؟! من نسل داوود، والذي به سيتمكنوا من حكم وتسيد العالم، والقضاء المبرم على عدوهم، و الشرط الوحيد لتحقق كل ذلك هو الهجرة والتجمع أين في فلسطين؟! وهنا ندرك كم تستر الهدف السياسي واختفى خلف خلفية دينية توراتية تعبدية، لنضع أيدينا على حقيقة أن الصهيونية نتيجة حتمية لليهودية المحرفة.
وطبقا للتزييف التوراتي الذي قام به أحبار يهود في الأسر البابلي ترجع نشأة الصهيونية إلى ما قبل عهد خليل الرحمن إبراهيم – عليه السلام -  ، حيث  تذكر توراتهم المحرَّفة : أن نوحـًا ـ عليه السلام ـ شرب خمرًا وبدت عورته ، فلما رآه ابنه كنعان هكذا أخبر أخويه سام ويافث فسترا عورة أبيهما ، فدعا لهما وقال ": ليكن كنعان عبدًا لهم يفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام ، وليكن كنعان عبدًا لهما " .

هكذا كانت البداية بسكر نوح ففضحه كنعان ، وهو أبو العرب فدعا عليه نوح ، وبارك سام وهو أبو اليهود، ومن ثمة يكتسي عداء اليهود بطابع ديني ليُضفي عليه المزيد من القداسة، ويصبح طرد الكنعانين من أرضهم في فلسطين له ما يُبرره شرعا، ولعل هذا ما يبرر لنا أيضا قتل اليهود بل سحقهم لأطفال فلسطين بدم بارد،وكأنهم يقدمونهم قربانا لمعبودهم المزيف يا هو الذي لا يشبع من الدم العربي، ودائما يردد لشعبه المختار أريد المزيد والمزيد من الدم العربي.
وبعد نوح ودعائه، تتحدث التوراة المزيفة عن  أمر الله لإبراهيم  بالذهاب إلى فلسطين ، ثم يجعل هذه الأرض لنسله فقط ، وهم اليهود " قال الرب لإبراهيم اذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة وأبارك مباركيك ،ولاعنك ألعنه ، وتتبارك فيك جميع قبائل العرب واجتاز إبراهيم في الأرض إلى مكان شكيس إلى بلوظة مورة ، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وظهر الرب لإبرام وقال : لنسلك أعطي هذه الأرض "(الإصحاح العاشر(
وقال أيضـًا له:" وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان مسكنـًا أبديـًا " الإصحاح السابع عشر.

ويأتي الأمر صراحة لإبراهيم بتحديد مملكته في الإصحاح الخامس عشر فيقول له : "لنسلك أعطي هذه الأرض من مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" وهذا ما صرح به صراحة " بن جوريون " قائلاً :" تستمد الصهيونية وجودها وحيويتها من مصدرين مصدر عميق عاطفي دائم ، وهو مستقل عن الزمان والمكان ، وهو قديم قدم الشعب اليهودي ذاته ، وهذا المصدر هو الوعد الإلهي والأمل بالعودة ، يرجع الوعد إلى قصة اليهودي الأول الذي أبلغته السماء أن " سأعطيك ولذريتك من بعدك جميع أرض كنعان مسكنـًا خالدًا لك"


ومن تعاليم التلمود الذي يعظمه اليهود كما يعظمون التوارة:  نحن شعب الله في الأرض، وقد أوجب علينا أن يفرقنا لمنفعتنا، ذلك أنه لأجل رحمته ورضاه عنا سخَّر لنا الحيوان الإنساني وهم كل الأمم والأجناس، سخرهم لنا لأنه يعلم أننا نحتاج إلى نوعين من الحيوان: نوع أخرس؛ كالدواب، والأنعام، والطير، ونوع ناطق؛ كالمسيحيين، والمسلمين، والبوذيين، وسائر الأمم من أهل الشرق والغرب، فسخرهم لنا ليكونوا في خدمتنا، وفرقنا في الأرض لنمتطي ظهورهم ونمسك بعنانهم ونستخرج فنونهم لمنفعتنا، لذلك يجب أن نزوِّج بناتنا الجميلات للملوك والوزراء والعظماء، وأن ندخل أبناءنا في الديانات المختلفة، وأن تكون لنا الكلمة العليا في الدول وأعمالها، وأن نفتنهم ونوقع بينهم وندخل عليهم الخوف ليحارب بعضهم بعضًا وفي ذلك كله نجني الفائدة الكبرى" كتاب "الكنز المرصود في قواعد التلمود"؛ تأليف الدكتور روهلنج الذي ترجمه إلى العربية الدكتور يوسف نصر الله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق