الاثنين، 22 يناير 2018

أولا: توطئة بها تورية:

أولا: توطئة بها تورية:

في البدء أقول: إنني إنسان فاسد، وإن لم أكن فاسدا بالكلية فعلى الأقل بي مسحة من فساد، فلم يخلقني الله – جل في علاه – ملكا أُصيب فلا أخطئ، ولم يخلقني – سبحانه وتعالى – شيطانا أُخطئ فلا أُصيب، وإنما خلقتني بشرا أخطئ وأصيب، فإذا أصبت حمدت الله تعالي، وإن أخطأت استغفرته – سبحانه – على خطئي.
من ذلك المنطق أُعلن أنني إرتكبت حقيقة أو خيالا كل الموبقات إلا شيئ واحد ألا وهو الشرك بالله – جل في علاه - ال تعالى:( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُو ا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.)[الزمر:53].
وقال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم – (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.) أخرجه الترمذي وابن ماجه والدارمي.
مما تقدم أطلب من الجميع قراءة الموضوع بعيدا عن حبه أو كرهه لي، قراءة بالعقل لا بالعين، قراءة فهم وتدبر وإدارك، فانظر واقرأ بعيدا عن وجهة نظرك في الكاتب، لأننا للأسف الشديد نُسقط وجهة نظرنا سواء كانت صحيحة أو خاطئة في الكاتب على ما يكتب، فنخرج أمراضنا النفسية على شخص الكاتب، وليس على صدق أو كذب ما يقول.

إخواني وبني جلدتي:
إن الثورات العربية التي إجتاحت ومازالت تجتاح منطقتنا العربية ليست هي الأولى في التاريخ العربي والإسلامي .. فمنذ حوالي 100 عام كان الغرب يخطط لإسقاط الدولة العثمانية التي تمثل الخلافة الإسلامية ومركز ثقل العالم الإسلامي فهي دولة قوية متقدمة موحدة فيها خليفة المسلمين، ولديها ممتلكات كثيرة تمثلت بالولايات التابعة لها العربية وغير العربية، و فيها الأرض المقدسة القدس و الشام و فلسطين وهي ما أغرت الغرب لاقتسام ممتلكاتها.
 لكن (الغرب) ومن خلفهم اليهود أدركوا بأنهم يجب أن يعملوا على إحداث شرخ في داخل ذاك الجسد، حتى يتمكنوا من الإجهاز عليه، فانطلقوا نحو العرب لتحريضهم ضد العثمانيين، عن طريق شرخ بنية العرب الداخلية و استخدام العملاء للتجسس و زرع أفكار تقسيمية لصناعة ثورة عربية كبرى حدثت عام 1916م أدت إلى تفتيت الوحدة الإسلامية و احتلال الدول العربية و تقسيمها و زرع أفكار القومية العربية بدلاً من الوحدة الإسلامية و كذلك سقوط دولة الخلافة الإسلامية و إنشاء تركيا الأتاتوركية العلمانية بعد أن كانت اسطنبول مقر الخلافة العثمانية و أهم أهداف إسقاط الخلافة العثمانية في ذلك الوقت كان احتلال القدس.
لورنس العرب في شمال جدة عام 1917.

ومن العملاء الذين تم استخدامهم لتلك المهام
 توماس إدوارد لورانس المعروف بلورانس العرب، فهل ثورات الربيع العربي التي يدعمها برنار هنري ليفي وتذكرنا بلورنس العرب ومشاريعه في المنطقة العربية في النصف الأول من القرن العشرين. تلك المشاريع التي لم تنتج سوى الفشل والتبعية؟! ستكون نتيجتها هي ذات النتائج التي ترتبت على الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية سنة 1916؟!
هذا بخلاف الثقة التي يُعطيها الكثير من الثوار والدوائر القائمة على الحكم الآن في بلاد الربيع العربي للغرب الأوربي والكاوبوي الأمريكي، و أحياناً أخرى للشيعة الصفوية الفارسية في إيران، فما هي النتائج التي ترتبت على الثورة العربية الكبرى سنة 1916
1. تقسيم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ بين الحلفاء، وخضوع بلداننا للاحتلال، ورسم حدود بين الأقطار العربية.
2.التمسك بالعصبية والقومية بدلاً من الأممية التي ركز عليها الإسلام، الذي قام على مبدأ لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى؛ فقد خدع لورنس هذا، العرب بضرورة إقامة حكم عربي واستبدال خليفة المسلمين في نظر مسلمي العالم بشريف من نسل الرسول – صلى الله عليه وسلم - كحاكم للحرمين وحامى للكعبة، وهنا دخلت العنصرية والقبلية، فصار شعارنا أنا ومن بعدي الطوفان، لا بل صرنا نتشبث بالسلطة ونتصارع عليها.
3.أسهمت وبشكل كبير في إنهاء حكم الإسلام وإضعاف المسلمين عالمياً وخضوعهم للصليبيين. فلورنس لم يكن يهمه من أمر العرب شيئاً فهو لم يكرّس نفسه لإنشاء دولة عربية موحدة كما يُشاع لأنّه كان يُقدّم مصلحة بلاده على أي شيء آخر، ومصلحة بريطانيا تقضي بإبقاء الشرق الأوسط منقسماً على ذاته، يقول لورنس في أحد تقاريره: لو تمكنا من تحريض العرب على انتزاع حقوقهم من تركيا فجاءه وبالعنف لقضينا على خطر الإسلام إلى الأبد ودفعنا المسلمين إلى إعلان الحرب على أنفسهم فنمزقهم من داخلهم وفي عقر دارهم، وسيقوم نتيجة لذلك خليفة للمسلمين في تركيا وآخر في العالم العربي ليخوضا حرباً دينية داخلية فيما بينهما، ولن يخيفنا الإسلام بعد هذا أبداً

4.  بسببها تم كسر شوكة المسلمين والعرب، إذ كانت العقبة الأساسية التي كانت تواجه بريطانيا وحلفاءها هي الإسلام؛ لذلك سعوا للقضاء عليه عن طريق هدم الخِلافة الإسلامية، والدليل تقرير سريّ كتبه لورنس عام 1916 بعنوان سياسة مكة أوضح فيه رأيه في ثورة العرب: إنّ نشاط الحسين مفيد لنا إذ أنّه ينسجم مع أهدافنا الكبيرة، وهي تفكيك الرابطة الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانحلالها، لأنّ الدول التي ستنشأ لتخلف الأتراك لن تشكل أي خطر على مصالحنا… فإذا تمكنا من التحكم بهم بصورة صحيحة فإنهم سيبقون منقسمين سياسياً إلى دويلات تحسد بعضها البعض ولا يمكن أن تتحد".
5. أسهمت في زرع بذور التفرقة والتجزئة بيننا حتى بتنا عاجزين عن توحيد عملتنا وأسواقنا،واسهم في القضاء على أي فكرة أو مشروع للتكامل العربي.
6. هي منْ مهدت الطريق لاحتلال فلسطين.
7.إنها ورثتنا الخيانة والغدر والتخلي عن قضايانا فمنذ ذلك التاريخ والعرب لا يتكاتفون وكلما ظهر فيهم رجل صالح تأمروا عليه وغدروا به وأقصوه خوفاً على المناصب والمصالح.
فهل يتشابه المصير العربي في ثورات الربيع العربي مع ماحدث في ثورة العرب الكبرى؟! وما هي أبرز النتائج التي برزت على السطح الآن في دول الربيع العربي بعد مضي ما يربو على الخمسة أعوام ؟! وهل هي نتائج سلبية ؟! أم إيجابية؟!
قبل الخوض في هذا الموضوع لابد من أن ألقي الضوء على عقيدتي التي بها أدين وأعتقد، وتشكل الأساس الذي عليه ومن خلاله أرنو إلى كل شئ من حولي، ويمكن إيجاز ذلك في النقاط التالية:

· أنا إنسان فاسد فإن لم أكن فاسدا بالكلية فعلى الأقل بي مسحة من فساد، فقد شاءت إرادة الحق – تبارك وتعالى – أن يكون أصلي طين عُجن بالماء، وأن يخلقني من نطفة من ماء مهين، ثم جعلني من البني آدميين قائلا على لسان رسوله الكريم – صل الله وسلم عليه وعلى آله أجمعين - : كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون. فاللهم أجعلني دائما من عبادك التوابين الموحدين المتطهرين.
· أنا فل من الفلول وعميل من العملاء أقولها بملء فمي حتى لا يقوم منْ لا يمكنه الرد على حجتي بوصفي بالعمالة والفلول ليُحدث نوع من الإسقاط السالب على ما أقول، وذلك  لأني أعلم أن وصف الفلول والعمالة جاهزة لكل منْ يحاول إيضاح جانب من حقيقة ما حدث، ولكن هذا لن يُثني المرء على قول كلمة الحق، حتى ولو وقفت غصة في حناجر منْ لا يقبلون النقد، هؤلاء الذين انتفخت أوداجهم لمجرد وجودهم العابر في ميدان التحرير، وإن الأيام القادمة ستكشف عن الكثير من الحقائق التي مازالت مستترة والتي ستثبت أن هناك منْ تآمر على ذلك البلد ليس بدافع التغيير ومقاومة الفساد، وإنما بدافع القفز على السلطة، ومحكمة التاريخ لم ولن تكذب أو تتجمل
· فلم يخلقني الله – جل في علاه – ملكا يُصيب، ولا يُخطأ، ولم يخلقني شيطانا يُخطئ، ولا يُصيب، وإنما خلقني بشرا يُصيب ويُخطئ، فإن أصبتُ حمدت الله وأثنيت عليه، وإن أخطأت تُبت إلى الله، وأنبتُ إليه.
· لست إخوانيا ولا سلفيا ولا جهاديا و لا يمنيا ولا يساريا ولا داعشيا بل أنا مسلما أتمنى على الله أن يرفعني من درجة الإسلام إلى درجة الإيمان، ثم أتوسل إليه أن يرفعني درجة أخرى من مرتبة الإيمان إلى مرتبة الإحسان، وهي أن أعبد الله كأني أراه فإن لم أكن أراه فهو يراني.
· أأمن بأن حرية العقيدة حق مكفول للجميع، منحه الحق – تبارك وتعالى – لكل عباده دون استثناء فقد قال – جل شأنه – ( لا إكراه في الدين )
· أأمن أن منْ له الحق في حساب العبد على عقيدته هو منْ منحه حرية العقيدة – جل شأنه – فلا يحق لإنسان أن يحاسب المرء على حق منحه له خالق السموات والأرض.
· أأمن بأن إخواننا النصارى بغض النظر عن مذاهبهم في النصرانية ( كاثوليك أو أرثوذكس أو بروتستنت...الخ) ينقسمون من وجهة نظري إلى قسمين:

-  القسم الأول مسيحية سياسية:  وهي التي ترفع الصليب رمزا للطمع والعداء،  من أجل تحقيق مكاسب دنيوية، وهذا القسم من النصارى يرتكز في بلاد الغرب في أوربا وأمريكا وهؤلاء هم أصحاب الحروب الصليبية في الماضي والحاضر بل والمستقبل،وهؤلاء منْ قصدهم - الحق تبارك وتعالى – {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (1) البقرة:120

-  أما القسم الثاني: وهو المسيحية الدينية: وهي التي ترفع الصليب رمزا للتضحية والفداء، وهذا القسم من النصارى يرتكز في بلاد المشرق الإسلامي بصفة عامة والمشرق العربي بصفة خاصة، وهؤلاء هم الذين قصدهم – المولى جل وعلا – في قوله {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (2) المائدة:82.
· تعلمت من القرآن الكريم أن أُعمل عقلي في كل ما يدور حولي وفي كل ما أقرأ أو أسمع، فلا يُعقل أن تكون أول رسالة للقرآن الكريم  للمسلمين على وجه الأرض تنحصر في الدعوة للعلم والتعلم وإعمال العقل في قوله تعالى للرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ونحن رغم ذلك نوقف عقولنا ونمنعها من التدبر والفهم.
· وتعلمت من سيرة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أن الصدق والأمانة والإخلاص هم الأساس الذي يوصل المرء إلى هدفه الذي إليه يسعى، وأن المرء لن يُرضي كل البشر، ومن ثمة فلا أعبأ بمدح أو ذم الناس فمدحهم وذمهم سواء، بل أحيانا يكون الذم أفضل للمرء من المدح على حد قول ابن حزم الأندلسي في كتابة الأخلاق والسير في مداواة النفوس،   وانه يجب على الإنسان أن يعمل ما هو مقتنع به، وأن مدار العمل على النية التي لا يطلع عليها إلا الله – جل في علاه – وأنه لا خير في ثقافة لا تتحول إلى سلوك، فما قيمة أن تعلم، ولا تعمل بما تعلم، وأن الغضب يُذهب العقل، فقدر المستطاع اجتهدت ألا أغضب حتى لا أعطل عقلي.
· لا أعبأ كثيرا بتعديل وجهة نظر الآخرين عني، فليراني كل منهم حيث يشاء، فمنْ يراني قديس فهو وشأنه ومن يراني إبليس فهو وشأنه، ومنْ يراني مظلوما، فكما يشاء، ومن يراني ظالما، فهو وما أراد، ومن يراني عميلا فهذا رأيه، وفي النهاية على حد قول الأخ/ محمد الحسيني من إخوان بلدنا متعجبا لأحد إخوانه من حالي قائلا عني: "أني مرة أعمل شقي، ومرة أعمل فقي", فهذا رأيه، ويرجع عدم اهتمامي بتعديل وجهة نظر الآخرين عني لأنني ببساطة أعبد رب الناس، ولا أعبد الناس، ورب الناس يطلع على سري وعلني، وهو الذي سيحاسبني، أما الناس فلا يرون غير الظاهر ولا يعلمون النية والباطن، ولا يستطيعون جلب منفعة لي إلا بإرادة الله، ولا دفع ضرر إلا بإرادة الله، فإذا كانوا عاجزون، فكيف بي أهتم بآراء عاجزين مثلي؟!

· تتلمذت على يد ابن خلدون وتعلمت منه أن العلم الحقيقي هو العلم المستمد من الواقع ، كما تعلمت منه كيف أدرس الواقع من حولي وكيف أصل إلى الخيوط التي تربط ذلك الواقع بديني وعقيدتي، و كم الصلة بين تلك الخيوط في الماضي والحاضر وكذلك المستقبل.
· قرأت لأرسطو وتعلمت من نظرية المحرك الأول التي تقول: أن كل متحرك لابد له من محرك وهكذا حتى نصل إلى المحرك الأول الذي يُحرك ولا يتحرك.، علمتني هذه النظرية أن تكون نظرتي لأي ظاهرة اجتماعية تنطوي على الكثير من العمق والبحث خلف الأسباب التي تقف خلف تلك الظاهرة والتي قد لا تكون واضحة لعموم الناس.
· قرأت الكثير من قصص الجاسوسية فتعلمت منها الاهتمام بأدق التفاصيل التي قد لا تكون واضحة للعامة، وقد لا تشغل بالهم، وهذا ساعدني في فهم الكثير من الظواهر.

تلك كلمات أتمنى أن نُدرك معناها قبل أن ندخل إلى نتائج الربيع العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق